[center]الوصية الــرابعــة .. لا تنسي أن لك حقوقاً
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (إن لجسدك عليك حقاً و لقلبك عليك حقاً و لأهلك عليك حقاً ، فأعط لكل ذي حقاً حقه) ..
ما هلكت أمة إلا بعد أن نسى أبناؤها حقوقهم أو سكتوهم عنها .. هل يقف في وجه الظالم إلا من يعرف حقه المهضوم ؟
الظلم والعدوان صفة بشرية سائدة في الناس ، لهذا السبب توضع القوانين والشرائع لكي تحول بين الناس و بين الأعداء على الآخرين ، فتعاقب المعتدي و تعيد الحق للمعتدي عليه ، و لكن كيف يمكن للقانون أن يتدخل إذا لم يشك المعتدي عليه؟ وكيف سيعرف الناس أن هناك ظلماً إذا كان صاحب الحق لا يطالب بحقه و لا يهتم به؟
لقد وضع الإسلام قوانينه و أحكامه و شرائعه لتطبق ويحول دون اعتداء الناس على بعضهم البعض ، وعلم المسلم أن لا يسكت عن حقه إذا حاول أحد أن يعتدي عليه ، و عندما نظم العلاقة بين الرجل والمرأة جعل للرجل على المرأة حقوقاً يجب على المرأة أن تؤديها ، لكنه في ذات الوقت جعل للمرأة على الرجل حقوقاً يجب على الرجل بدوره أن يؤديها ، واعتبر التقصير من الطرفين في أداء الحقوق هذه اعتداء إثماً من أحدهما على الآخر ، وعندما سادت التربية الحديثة اللاإسلامية في المجتمعات الإسلامية تركز وعي الناس على المطالبة بحقوق الرجل على المرأة و توسيع هذه الحقوق لدرجة الاعتداء على حقوقها و شخصيتها ، مما أدي إلى هضم حقوقها ، فسكتت على مضض و استجارت بالله تدعوه ليل نهار ليخفف عنها ما هي فيه .. و كان لسان حالها يقول: "إنني لا أريد حقوقي و لكن خففوا عني هذا العبء الثقيل" ، ولم تكن نساء الرعيل الأول يرضين هذا السكوت المهين ، بل كانت إحداهن تقف في وجه زوجها أو أبيها أو أخيها إذا هضم حقاً من حقوقها ..
و قد حدثتنا سيرة هؤلاء النسوة عن امرأة رفضت رأي أبيها في تزويجها من رجل لا تعرفه ، و شكت إلى النبي عليه السلام ذلك فأنصفها ، وأظنك تذكرين قصة المرأة التي اعترضت على عمر بن الخطاب حين أراد أن يحدد لهن المهور ، وواجهته بقوة ، مدافعه عن حقوق النساء فقال عمر : أصابت المرأة وأخطأ عمر ، و لكن كيف يمكنك أن تطالبي بحقوقك و تدافعي عنها في وجه الأعداء و الاستلاب إذا كنت لا تعرفينها ؟
و كيف ستثبتين تمسك بها و أنت لا تعرفينها ؟!!
اعلمي يا أختي المسلمة ، إن الحقوق التي أعطيت للرجل لا تختلف كثيراً عن تلك التي أعطيت للمرأة ، وإن الدرجة التي ذكرها القرآن الكريم بقوله: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾
لا تعدو اختلافاً في موضوعه الإنفاق عندما لا يكون لديك مال خاص بك ، فإذا كان لك مال خاص و انتفى الإنفاق فإن هذه الدرجة لا تبقى و تصبحين مالكة لكل حقوق الرجل ، ما عدا الإمامة الكبرى في رأي بعض الفقهاء .. فإذا كنت تمتلكين إيماناً راسخاً والتزاماً قوياً و شخصية متماسكة ، وتتسلحين بعلم طيب بأمور الدين و الدنيا ، و تعرفين حقوقك التي فرضها الله لك فلن يستطيع أحد أن يظلمك و لو حاول أن يفعل ذلك فعليك أن تقفي بحزم و تقولي : " لا " بملء فمك .. لأن الساكت عن حقه يفقده ..
أختي المسلمة ..
من أين سنأتي بالعدالة للناس و نحن نظلم أنفسنا وأقرب الناس إلينا ؟ و كيف نطالب بتحقيق العدالة و نحن نمارس الظلم ضد أخواتنا و أمهاتنا و زوجاتنا و نحولهن إلى جواري بلا حقوق ، ونعلمهن الذل والخضوع والمهانة ؟!. و كيف يا أختي المسلمة ستعلمين أبناءك العزة و الكرامة وأنت لا تستطيعين الدفاع عن حقوقك التي فرضها الله لك؟ .. و أين شخصية المسلم القوية التي وصفها القرآن بقوله :
﴿أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾...[/center]